عديلة .. حلاوة الاستوزار ومرارة الأقالة
بغداد/المسلة: يرفض “الوزير الدكتاتور” في العراق التخلي عن منصبه، على رغم تبجّحه بالدعوة الى الإصلاح، فكأن رياح التغيير التي هبّت يجب ان لا تطاله، بعد أن وضع نفسه في خانة أولئك المسؤولين الذين تسيطر عليهم شهوة الكرسي، ضاربين عرض الحائط إرادة الشعب في التغيير.
وقد تمكّن هؤلاء على الضمير الأخلاقي والقيمة الاعتبارية في أنفسهم، في ترك المنصب وفق السياقات قبل الانجبار عليها، واختبئوا خلف تأويلات “قانونية” ومناورات مكشوفة، لتعطيل أمر الإقالة.
وأبرز هؤلاء وزيرة الصحة والبيئة عديلة محمود التي تذوقت حلاوة الاستوزار، ليعزّ عليها فراق الوزارة، برفض التخلي عن منصبها بعد صدور توجيه من رئيس الوزراء حيدر العبادي بترك منصبها وعدم التوقيع على أية أوامر.
وقد برّرت عديلة حمود في كتاب خاطبت فيه رئيس الوزراء، عدم مغادرتها المنصب إلى إن “وزير المنصب” علاء مبارك لم يباشر عمله بالوزارة وان هناك حاجة إلى مرسوم جمهوري أو امر ديواني للمباشرة بأعماله.
كما علّلت ذلك بان على الوزير أداء اليمين الدستورية وصدور امر ديواني حتى يباشر بعمله.
وعلى رغم أن هذه الحجج “القانونية” صحيحة، الا إن عديلة وضعتها في سياق “تبرير عدم تخليها” عن المنصب، ووفق خبراء فان من الأجدر بعديلة لو أنها أعلنت مغادرتها الوزارة، لتعترض بعد ذلك، لكي تحفظ ماء وجهها على الأقل، ولكي تخفي ولو قليلا “طمعها” بالمنصب وحبّها للكرسي.
ولم يكن موقف عديلة مفاجئا، ذلك انها على نهج قوى سياسية تسعى الى استيعاب التغيير القادم، وتحريك سفنها مع رياحه، بعدما انتظرت قليلا، لعل العاصفة تهدأ، من دون خسائر بين صفوفها.
أما وانّ رياح التغيير هبّت، فلا مناص من ركوبها، عبر الركون إلى مسوغات قانونية في رفض إجراءات التغيير.
والسؤال الذي يدور في الأوساط العراقية، الشعبية والنخبوية على سواء: ألا يُقنع الوزيرة عديلة ان رياح التغيير طالتها، حين قررت رئاسة الوزراء يوم 2016/6/13 منع وزير الصحة من ممارسة أعمال الوزارة بموجب جلسة برلمانية قانونية تحقق فيها النصاب، وصوت فيها أعضاء البرلمان على إقالة الوزير واستيزار وزير جديد بدله.
والى هذا الحد، فان الموضوع يعد منتهيا وفق خبراء القانون، مع احتفاظ الوزير المقال بحقه في الطعن بمشروعية الإقالة وفق ما تقرره المحكمة الاتحادية العليا التي تنظر في الطعون والدعاوى المقامة من الوزيرة عديلة وغيرها.
ولا يقرأ عراقيون في هذا السلوك “الاستفزازي” من قبل عديلة لقرارات الحكومة إلا كونه “معارضة” للإصلاح والتغيير الذي تطالب به تظاهرات عمّت طول البلاد وعرضها، فكأن ذلك لا يعني عديلة التي ترى أنها صاحبة الحق الأبدي في “كرسي الصحة”.
ووافق مجلس النواب في جلسته في 24 من نيسان الماضي، على تولي علاء غني منصب وزارة الصحة بعد قبول اقالة عديلة حمود.
واستنهض إصرار عديلة على “الكرسي”، ذاكرة العراقيين بالكثير من المواقف السلبية في أداءها، كوزيرة للصحة، وابرزها اعتداء حماياتها على العمال، و موظفي الأجور اليومية في مستشفى “الحسين العام” في الناصرية في محافظة ذي قار، في آذار 2016 ، بإطلاق العيارات النارية عليهم، ودهس اثنين منهم.
وكان يتوجب عليها الاستقالة او إجبارها عليها منذ ذلك الوقت، بسبب هذا العمل المخزي المعبّر عن الاستهتار في حياة الفقراء من العمال والموظفين، وهو الموقف الذي أدى الى تصنيف عديلة في خانة المسؤولين الفاسدين الذين حوّلتهم الرواتب والامتيازات الضخمة، الى برجوازيين، ومتسلطين، على الشعب، وانفصلوا بسلوكياتهم ومشاعرهم عمّا يعانيه الناس على ارض الواقع.
و ما يثير القلق في ظاهرة التشبّت، ان عديلة تستقوى في موقفها بالطبقة السياسية التي تنتمي اليها، والتي تتداول الوجوه الوزارية والقيادية نفسها، وتأبي تسليم الراية إلى جيل جديد حتى وان كان من نفس الكتلة السياسية.
للتذكير، تنشر “المسلّة” واقعة اعتداء حماية وزيرة الصحة على أصحاب الساجور اليومية في ذي قار
IFRAME: [1]http://www.youtube.com/embed/ABapK0Js1Rc
اترك تعليقاً