النجيفي.. و”الولاية” التركية
بغداد/المسلة: أثيل النجيفي، بطل سقوط الحدباء، والهارب منها في ليلة ظلماء هبّت فيها رياح الذلة والهوان، فلم يدافع، ولم يطلق الرصاص، يتساءل على صفحته في “فيسبوك” عن دخول إعداد كبيرة من الأفغان والإيرانيين الى العراق وهم لا يحملون جوازات سفر.
وتساءل.. كم إرهابيّ بينهم ؟.
وأردف الرجل الذي رسم للأجانب خارطة الطريق الى “الحدباء”، بالقول: العراق الذي لم يستطع كبح جماح المواطنين المشغوفين بحب الحسين من عبور الحدود، فكيف يستطيع منع الإرهابيين من دخول العراق؟.
بهذه الطريقة الفجّة، الخارجة على القياس، البعيدة عن المنطق السياسي، بل والأخلاقي، يتحدث الرجل الذي يتلألأ كنجم في سماء الخيبة.
وفي الوقت الذي أنهي فيه النجيفي مدوّنته، كان يستعد لاستقبال القوات التركية، التي تدرّب “الحشد الوطني” الذي أسسه بمساعدة أنقرة، التي يتعلق بها تعلُّق الجرذ بالسفينة الغارقة.
ووفق هذا المنطق، فانّ تركيا بريئة من دعم داعش، ولا تشتري النفط منه، ولا تماطل في الحرب على الجماعات المسلحة.
….
أثيل النجيفي، الذي ترتعد فرائصه من مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل، كتب أيضا: القناعة البريطانية و الأمريكية تتعزّز بضرورة تسليح السنة في العراق، والتأسيس لإقليم لهم.
ويزيد: أننا أمام مرحلة مختلفة وسيكون للدول العربية وتركيا دورٌ أساسيٌ فيها.
هكذا إذن، فأثيل النجيفي يتصرّف وكأنه، ليس بعراقيّ، بل تركيّ، خليجيّ، أو ما شاء لك أنْ تتخيّل عن مصدر الطينة التي جُبِل عليها هكذا رجل، خسر نفسه، قبل أن يخسر منصبه حين لاذ في الجحور، ليلة سقوط غرناطة.
ويتّضح انفصام النجيفي عن الواقع السياسي، بقوله إنّ “قيادات سنيّة سارت في ركب المشروع الإيراني، لكن ثقتنا في المشروع العربي والإسلامي”.
هكذا إذن، فهو يبتعد مع الأيام عن حقائق الواقع ليقرر التنسيق مع أنقرة أكثر من الحوار مع بغداد.
بل انه يزور عاصمة العثمانيين أكثر من زياراته إلى بغداد.
إنها عاصمته السياسية، و مرجعيّته.
….
لكن النجيفي، المائي المباديء، ليس “غبيّا” إلى الحد الذي لا يقدّم أسباب عدم ثقته في بلده..
فيقول: على رغم مئات الآلاف من القتلى واجتياح داعش لأراضينا ومدننا، لم تقدّم الحكومة المركزية أية مساعدة ملموسة.
وبهذه الطريقة الفجّة، يلقي النجيفي الكرة في ملعب الحكومة، من دون أن يسال نفسه عن الذي جاء بداعش الى العراق وأمدّها بالمال والسلاح، وكيف عبر الإرهابيون إلى مدينته؟.
…
اليوم..
يدقّ النجيفي، طبول قوات برية من دول عربية وإسلامية، غير مدركٍ، إن هذه البلدان، غير قادرة على حماية حتى نفسها اذا ما غاب عنها الدعم الأمريكي، فكيف بها تحمي النجيفي وتدافع عنه.
جهّز النجيفي، غرفة عمليات لم تستطع تجهيز أكثر من مائة جندي و5 عجلات “همر” لحماية مقر القيادة، وجمع بضع مئات من جنود الحشد الوطني، غطاءً لغزو تركي كشفه محمود السورجي، ما دفع النجيفي الى إقالته.
وفي حين ينتظر النجيفي دعماً دولياً وعربياً لن يصل له ابدا، يشتاط غضباً حين يستشعر اقتراب الجيش العراقي او الحشد الشعبي من الموصل، مدركا إن أي تحرير للمدينة على أيديهم يعني نهايته السياسية، قبل ان تكون نهاية المشروع التركي في المدينة، التي يرسم لها النجيفي مستقبل كيان طائفي يرتبط مباشرة بتركيا.
….
لا زال اثيل النجيفي يصوّر نفسَهُ لنفسِهِ بانه السَائِس الاول في نينوى وسيكون المحرر لها.
انه يستلب تحرير الموصل عبر الادّعاء، بانه المنسّق لكتائب وفصائل تقاتل ضد داعش، لكن كل ذلك جعجعة من دون طحن.
إنّ الزَعْم على هذه الطريقة لن يغيّر حقائق الخيانة التي انطبعت في تاريخ النجيفي كعار يلاحقه إلى الأبد، وان أي محاولة
لتسلّق جهود تحرير الموصل وتحسين صورته من خلالها لن تجدي نفعا لشخص يقبع في فنادق “خمس نجوم” في أنقرة، الى جانب الخونة والمجرمين، والخارجين على القانون.
….
النجيفي وبعد ان لفظه شعبه، سوف يلفظه اللاعبون الدوليون لإدراكهم انه بات قشراً يابساً لا ينفع الا في سلّة المهملات بعدما انتفت الحاجة اليه.
….
تذكّروا إن أثيل النجيفي لم يتوان طيلة الفترة الماضية، عن التعرض إلى الجيش العراقي وفصائل المقاومة، وأمعن في ذلك حتى طالب بإبعادهم عن عمليات تحرير الموصل .
….
لقد زار اثيل النجيفي في وقت سابق، بغداد والتقى قادة وسياسيين وزعماء كتل، ولم يسمع انتقادا او تأنيبا، او حتى لوماً، على تصريحاته الطائفية طيلة الفترة الماضية، ولعل هذ مدعاة لان يذهب في تصريحاته العنصرية بعيدا، الى الحد الذي انتقص فيه، في تصريحات عديدة، من “المكون الأكبر” في العراق.
….
لازال سياسيونا لا يضعون النقاط على الحروف، ولا يميزون بين الابتسامة وتكشير الأنياب، ولعل هذا سيقودنا إلى مواقف لا نحسد عليها، فإضافة إلى الخضوع لإرادات دول الجوار التي لم تتنازل عن شروطها ومطالبها، فان هناك “انبطاحية”، فجّة أمام عناد وصلف الخصوم.
ما نحتاجه اليوم، القليل، القليل من الصلف السياسي، امام هذا الصنف من السياسيين، على غرار النجيفي، الذي يتجرّأ على نعت الجيش العراقي بـ”الصفوي”.
….
لقد بالغ الرجل في ازدراءه لأبناء وطنه، لأسباب طائفية، واستقوى عليهم بالغرباء، لكنه يظل رجلاً مكسور الشوكة، بعد ما تطابق الوصف الذي أطلقه أبناء الموصل عليه، فهو أما عبد الله الصغير، تذكيرا بآخر ملوك العرب في الاندلس، حين خرج ذليلا من غرناطة والى الأبد، أو “ابو رغال”، رمز الخيانة في التاريخ العربي..
اترك تعليقاً