“الشركاء” يذْبحون الشعب في الحلّة
نحتاج إلى أنْ نضرب عقولنا في رؤوسنا لكي نفهم انّ مذبحة الحلة، لم تحرّك مشاعر أصحاب الإقطاعيات السياسية وأولهم “الشيعة”.
بل إنّ سياسييّ السنة – بالوصف الطائفي – احرص على الإدانة والشجب والاستنكار من أقرانهم الشيعة حين يقع تفجير في الرمادي والفلوجة او بعقوبة، وينال من العراقيين “السنّة” الأبرياء أيضا.
مرّت فاجعة الحلة بضحاياها الكثر الذين تحولوا الى أشلاء متناثرة، وكأنها حدث عابر لا شان لأولئك السياسيين به.
لم يقفوا دقيقة صمت في اجتماعاتهم السياسية ولقاءاتهم البرلمانية، ولم تُنظّم حتى مراسم تأبين.
ملاحظة: الصورة لفتاة بريئة سقطت في التفجير الإرهابي في مدنية الحلة في الأحد، 06 آذار، 2016.
ذلك إنّ السباق إلى المناصب، وتجميل الوجوه السياسية، هو ديْدن هؤلاء الفرقاء الذين يجتمعون ليتفرقوا، ويتآمرون لكي يفوزوا بالمناصب والألقاب، فيما الشعب يُقتل ويُذبح.
سياسيون لم يعودوا يحترمون ذواتهم، فكيف ينالوا احترام الشعب.
هذا ما تجهر به مذبحة الحلة التي تدين السياسيين الشيعة قبل غيرهم، ممّن جعلوا من هذا الشعب المسكين جسرا تطأ عليه اقدامهم نحو قصور الحكم التي توزّعت على الكتل السياسية والأحزاب، وباتت أوكارا للهزيمة.
كان الأجدر بمذبحة الحلة، ان تجبر المسؤولين على الاستقالة، كبيراً وصغيراً، بل انْ تضعهم في السجن، بعدما راوا تلك الفتاة الصغيرة التي تمددت على الأرض واختلط دمها بالطين والماء، فلم تحرّك الضمائر، ولم تلهب الغيرة التي ضاعت في متاهات الزعامات الطائفية.
دعونا من المسؤولية الوظيفية والسياسية، فهذه وطئتها أقدام المستوطنين السياسيين منذ زمن، لكن أين المسؤولية الأخلاقية؟
ألا يخجل الذين ما اجتمعوا حتى تفرقوا، من مذبحة الحلة، وقد تزامنت مع لقاءهم، الذي خرجوا عليه وأنكروا ما اتُّفِق عليه بعد يوم واحد فقط من زمنه.
هذه المذبحة لم يفعلها داعش وإنْ اقترفها، بل ان ّمرتكبيها الحقيقيين، أولئك السياسيين الذي فتحوا الأبواب للإرهاب من أبواب خلافاتهم وفسادهم وعدم قدرتهم على حماية الأطفال والنساء.
مرتكبو المذبحة، أولئك الذين أسسوا لدويلات طائفية، ليس داخل العراق فحسب، بل في داخل طائفتهم حتى بات في كل منعطف، ملك أو سيّد.
يرفعون اعلام أحزابهم ودويلاتهم، فيما داعش والدول الداعمة له تكيل لهم ضرباً وقتلاً، وتذلهم، وتهزأ بهم.
ولا يهمهم ذلك، طالما انّ المفخخات لا تصل حتى إلى عتبة قصورهم واقطاعياتهم، فيما فقراء الحلة وبغداد، باتوا كبوش فداء لأولئك الوصوليين.
مذبحة الحلة، ليست مذبحة داعش، انها مذبحة الشركاء السياسيين، الذين أوغلوا في الفساد، ونزعوا عنهم الأخلاق قبل المشاعر الإنسانية.
إنّ من يدفن رأسه عن الحقائق، هو النعامة التي تدفن رأسها بين الأشلاء لكي لا ترى الدماء التي تسبب في إراقتها.
لم يعد يردع هؤلاء، حتى توجيهات المرجعية الدينية التي يأست من حفنة اللصوص، والقتلة الذي يجهزون على شعبهم وعلى انفسهم بالخلاف والاختلاف، وتجاهل المحرومين والضحايا.
وخلاصة القوم، انّ الشعب لم يعد يحتاج إلى من يرتدي الأكفان، متظاهراً، في قناة البغدادية أو في التجمعات الدينية والسياسية، بعدما بات كل عراقي يحمل كفنه على كفه، منتظرا لحظة الموت.
اترك تعليقاً