لن ينفع التكنوقراط.. حتى نغيّر ما في أنفسنا
بغداد/المسلة: حشّدت قوى سياسية للاحتجاج والإصلاح، وأخرى ظلت متفرّجة تنتظر الغنيمة السياسية، بعد أن تهدأ العاصفة.
وبين متفرّج، وآخر وجد نفسه في قلب المعْمعة، استبق رئيس الوزراء، الأحداث ولعبها “على المكشوف”، بتقديم مقترح التشكيلة الوزارية الجديدة.
ولا شك في البعض لا يزال إلى الآن، في صدمة، يتمعّن جيدا في دفتر الحساب السياسي، لإحصاء أرباحه، وحساب خساراته.
ما كسبه العبادي، ثقة الشارع التي تعزّزت به، حين لجم الشكوك في عزمه على التغيير، وبرهان عدم خضوعه لإرادات الكتل السياسية.
وما كسبه التيار الصدري، جرأته في الاعتصام والانسحاب بانضباط واضح، وبروز زعيمه في الميدان مع الجماهير.
لكن الخاسرين، كثْر، وأولهم أولئك الذين كانوا يتظاهرون ولا يعرفون ماذا يريدون، ولازالوا يرفعون إلى الآن “التظاهر لأجل التظاهر”، وقد أدركوا حجم خسارتهم حين قزّمهم الاعتصام، بجماهيره الواسعة، وباتوا “مكنوسين” مع أعقاب السجائر.
والخاسرون أيضا، كتل سياسية، تبيّن لاحقا انها لن تقبل تغييرا يتجاوز مصالحها السياسية، وانها مثل ذاك الذي إذا جاع سرق وإذا شبع فسق.
إنّ السعادة تغمر اليوم أولئك الذين ترقبوا التغيير، لكن الشوط في أوله، والمخاوف تزداد، فما أن أسدِل الستار على جلسة التصويت البرلمانية حتى تصاعدت الشكوك في قدرة التشكيل الجديد على الصمود أمام ضغوط الكتل التي تحوّل عدم رضاها من الهمس الى الحديث العلني.
لن ينجح التغيير اذا ما انساق البعض إلى مصالحه الحزبية وشهواته السياسية، مثل كل مرة، و رصف المواقف عموديا، حتى تسقط، ولن يتحقق الإصلاح طالما وضعت الزعامات نفسها في موضع “القائد” الذي يجب أن يرضخ له الآخرون.
أسدِل الستار على الاعتصام، وصارت أسماء المرشحين حديث الشارع، والأمل يزداد، في أن تتوحّد خيمة الاعتصام ضد الحكومة مع أولئك الذين يقفون الى جانبها، على طريق مكافحة الفساد، والإيقاع باللصوص، واستعاد الأموال المنهوبة.
وكل ذلك لن تستطيع أية تشكيلة حكومية جديدة إنجازه مالم يتعاون الجميع معها، والاعتصام معها لا ضدها، فليس للوزير التكنوقراط من وسائل خاصة لتحقيق نظام الحكم الرشيد، سوى الاستعانة بنا نحن.. بقدراتنا وعزمنا، وعدا ذلك فان لا اعتصام ولا تثوير ولا تهييج جديد، ولا ألف حكومة قادمة ستغيّر الوضع، حتي نغيّر نحن، ما في انفسنا.
والأمور في كل الأحوال بخواتيمها، واللجّة تُسلك بقائدها ومدبّرها الذي يجب أن يكون هو الآمر الناهي، ومتـــى تعدّدت الزعامات وكثـر الملاحون لـم يؤمـن على الزورق مـن الغـرق.
اترك تعليقاً