لهذا السبب ماتت رقيّة البابلية
بغداد/المسلة (خاص من حمزة الجناحي): هكذا ماتت رقيّة، والسبب سيارة الإسعاف التي لم تتوفّر على عجلة الاحتياط (السبير) باللهجة الدارجة.
فلم يدر في خلد السيد محسن حسن العبد، وهو ينظر لابنته رقية ذات التسع سنوات، في خلال ذاك الصباح، بأنها كانت النظرة الأخيرة، وهي ترقد في مستشفى الأطفال في الحلة، منذ ستة أيام حتى يوم السبت المصادف 26/6 /2016 على أمل معرفة مرضها، الذي جعل منها مجرد هيكل عظمي، لا يقوى حتى على الحديث.
يقول والد الفتاة لـ”المسلة”: اخبرني الطبيب أن أهيأ نفسي ورقية غدا للذهاب الى مدينة الطب في الساعة السادسة صباحا بعد أن عجز الأطباء من تشخيص مرض رقية وبدأ الهزال والشحوب يسيران بها الى النهاية.
كنت أنظر الى يديها التي ثُقبت بجهاز الإعطاء (الكانولات) وهم يناولونها جرعات من الماء المقطر لتعويضها من فقدان السوائل بسبب الإسهال المزمن.
واستدرك السيد محسن: كنت قلقا جدا عليها، وفي الوقت نفسه طغى على حالتي الإشفاق والألم وانا أرى رقية قد بداة تقترب الى النهاية المحتومة.
جاءت سيارة الاسعاف في الساعة السادسة والنصف، وحملنا رقية على نقالة المرضى، وتوجهنا بها الى مدينة الطب في بغداد.
في الساعة العاشرة صباحا وبعد ثلاث ساعات ونصف وصلنا إلى “علوة الرشيد” في منطقة الدورة وكنت قد سبقت الإسعاف الى مدينة الطب مع أوراقي وطبلة المستشفى لاختصار الوقت وتهيئة الردهة المناسبة.
رنّ الجوال ليخبرني أخي رحمن أن اعود لأن أحد عجلات الإسعاف قد فرغ من الهواء (بنجر ) وسائق الإسعاف لا يحمل معه العجلة الاحتياطية (السبير).
عدت الى المكان وطلبت من السائق أن احمل ابنتي الى المستشفى بسيارتي الكبيرة التي هي نوع (ستاركس) هونداي وهي بحجم الإسعاف تقريبا لأنقذها بعد أن بدأت تحتضر، وتوسلت اليه، فلم يوافق..
اتّصل السائق بـ”المركزية” عن طريق جهاز مناداة لاسلكي لمديرية شعبة الإسعاف، رافضا تسليم الفتاة، طالبا “الصبر” لأن سيارة إسعاف من مدينة المسيب في طريقها الينا.
فقدنا الأمل بتصليح العجلة، ونحن ننتظر سيارة الإسعاف الثانية.
وفي الساعة الحادية عشر وخمس وخمسين دقيقة ظهرا، أسلمت رقية الروح إلى بارئها.
وفي سؤال “المسلة” الى شقيق والد الطفلة رقية رحمن حسن عبد، الموظف في صحة بابل: لماذا لم يُسمح لكم بتسلم الفتاة وحملها بسيارتهم الخاصة ؟
أجاب: ادّعى المسيطر على “المركزية” أنها مسؤولية ولابد من مرافقتها شخص ذو مهنة صحية لمعاينتها، طلبنا منه ان ينقلها مع المرافق لها الى سيارة أخي الكبيرة لكنه رفض معللا رفضه بأن سيارة الإسعاف من المسيب قادمة.
كان سائق الاسعاف – والقول لرحمن – قد مر بحالة هستيرية وهو يرى الفتاة قد فارقت الحياة صارخا.. “منهم لله قتلوا الفتاة لقد أخبرتهم أن سيارتي غير مهيأة ولا فيها عجلة احتياط فأصروا على نقلها”.
هكذا هي مديرية شعبة الإسعاف الفوري في مدينة الحلة وهي تستهتر بأرواح المرضى وترسلهم بسيارات غير ملائمة لنقل الحالات المستعجلة إلى المستشفيات الأخرى..
علما أن مديرية الإسعاف الفوري، هي مديرية مستقلة تابعة لمديرية صحة بابل، وتضم العشرات من سيارات الإسعاف الحديثة ولها اتصالات خاصة مع كل مستشفيات المحافظة وتتدخل في حالات الطوارئ لنقل المصابين.
رحلت رقية نتيجة خطأ بسيط واهمال متعّمد مع سبق الإصرار، بسبب غياب روح المسؤولية، وعدم التعاون مع المواطن الذي يدفع ثمن التقصير والإهمال والفساد.
اترك تعليقاً