حتى “التكافل المجتمعي” غاب عنها: زينب الفتاة الفقيرة ..عالجتها والدتها بمبيد الحشرات
بغداد/المسلة: تظل الفتاة العراقية زينب رمزا للإهمال الحكومي والمجتمعي لحالتها على حد سواء، فعلى مدى نحو ثمان سنوات من أصابتها، لم تعبأ الجهات الصحية لحالتها الخطرة، كما ان المجتمع لم ينجح في فعالية تكافلية في تحمل تكاليف علاجها، حتى باتت
موضوعا مثيرا لوسائل الاعلام التي توافدت عليها لالتقاط الصور وانجزا التقارير التي تنشر لجذب القراء، وتسليتهم على قصة مأساة زينب من دون ان تنبري جهة الى مساعدتها لاسيما الفضائيات التي تمتلك من الأموال ما يكفل علاجها .
لقد رحلت زينب نتيجة الإهمال وليس المرض، لكن تظل رمزا لعار لحق بمجتمع لا يستطيع ان يتكافل اجتماعيا، – اذا ما غاب الدعم الحكومي- عن مساعدة ابناءه في الظروف الصعبة.
وعلى مدى 8 سنوات بقيت زينب تعاني من مرضها، وسط تعالى صرخات الاستغاثة من هنا وهناك، وكذلك تزايد الوعود بالتكفل بعلاجها، لكن يبدو ان تلك الوعود كانت مادة دسمة ليكسب واعدها ود المواطنين أمام الإعلام.. لكن زينب رحلت اليوم عن الدنيا لتترك وصمة عار على جباههم، رحلت وقد رحل معها ضمير المترفين بأموال الشعب.
رحلت الطفلة زينب عن دار الدنيا لترقد بسلام، بعد أن عاشت سنين طفولتها محرومة من كل شئ، وعدم إلتفات أصحاب المليارات من سياسيين وتجار ومستشفيات أهلية، لحالتها الإنسانية بعد ان أصيبت وجهها بسرطان الجلد.
ورغم أنها أحدثت ضجة كبيرة منذ عام 2014 في وسائل الاعلام العراقي، وتداولت قضيتها شاشات القنوات الفضائية والصحف، لكن لم تُقدم يد المساعدة إليها، فبقيت معاناتها مستمرة حتى توفيت على إثر ذلك المرض النادر، دون ان تحرك وجدان من يهمه الأمر.
حالة الطفلة المأساوية زينب، تصنف طبياً باسم “تيبس الجلد التصبغي”، وهي من الحالات النادرة، وتحمل الصفة الوراثية المتنحية، وتظهر أعراض المرض في السنة الثانية من عمر المصاب، ويتحول إلى سرطان الجلد ما لم يتم كشفه وعلاجه.
ويقول رئيس مؤسسة أنيس النفوس الخيرية لعلاج مرضى السرطان، الدكتور علي المحنة، أن “ندرة المرض وقلة الإمكانيات الطبية، وغياب المختصين في الديوانية، أسباب الخطأ في التشخيص للعلاج المبكر للمرض، وتطور الحالة لتصل إلى السرطان، فثلاثية الجهل والمرض والفقر، يضاف إليها فشل النظام الصحي العراقي، كلها أسباب أدت إلى تفاقم حالة الطفلة زينب”.
ويضيف المحنة، أن “حالة زينب أصبحت اليوم تطوراً سرطانياً غير قابل للشفاء، في الوقت الحالي بحسب مراسلاتنا مع أطباء مختصين خارج العراق، خاصة أن البيئة التي تعيش فيها الطفلة ملوثة، وأدت إلى وجود الحشرات والطفيليات داخل الورم السرطاني في الوجه، الأمر الذي دفع الأم لاستخدام مبيد الحشرات بدل الغسولات الطبية”.
عائلة زينب تعيش في قرية السحابية النائية في ناحية البدير في محافظة الديوانية، في خربة لا يمكن ان يسميها احد بـ”المنزل” كونه يفتقد للكهرباء والماء وكل الخدمات.
ويروي أبو زينب عباس جاسم، بداية تعرض ابنته للمرض؛ حيث ظهر طفح جلدي في وجه ابنته (اكزمة)، وعندما عرضها على الطبيب أعطاها مجموعة من الدهون والكريمات الطبية، لكن نتائج العلاج جاءت معاكسة، فقد بدأت التشققات والطفح الجلدي تنتشر في وجهها البريء وتتسع شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت تلك التشققات مكاناً للديدان.
ويضيف، ان “وزارة الصحة تكفلت بعلاجها خارج العراق، وحدث ذلك بالفعل، فسافرت إلى تركيا وبقيت تحت العلاج لفترة شهرين ونصف، قبل ان توعز المستشفى بخروجها من المستشفى ومراجعته بعد ثلاثة اشهر، غير أن وزارة الصحة العراقية رفضت استمرار علاجها، ولم تستمر بتحمل نفقات العلاج”.
ويشير إلى أن “زينب لم يعد باستطاعتها التنفس بعد أن اشتد الورم واقفل فتحتي انفها، الامر الذي أدى إلى إحداث ثقب في رقبتها من اجل التنفس”.
ولم تكن وعود المسؤولين لعائلة زينب مترجمة على ارض الواقع، بل كانت جميعها وعود كاذبة، رغم تبني العديد من اعضاء مجلس النواب حالتها، وكذلك اعضاء مجلس محافظة الديوانية.
أم زينب والدة لسبعة أطفال، تقول بألم والدمع يملأ جفنيها وهي ترفع قنينة المبيدات الحشرية: “هذا علاج زينب، أنا من اخترعته، حتى وإن ماتت ابنتي ما دام انها وصلت الى هذه الحالة”.
لم يترك الفقر لأم زينب 47 سنة، خياراً سوى البحث عن بدائل لعلاج وجه ابنتها، ذات 11 سنة، بعد أن عجز الطب عن علاجها، لتضطر إلى معالجته بنفسها بمبيد الحشرات والقوارض، لقتل الديدان التي باتت تخرج من وجهها.
“المسلة:” تعتذر عن نشر صورة الفتاة “زينب” لأسباب إنسانية.
اترك تعليقاً